نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق
للعلامة المحدث / محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي اصطفى نبينا على سائر البشر ، وعصمه من الشيطان أن يوحي إليه بشرِّ ، فقال تعالى مخاطباً إبليس اللعين : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) [الحجر : 42] ، بل جعل تعالى له السلطة على شيطانه القرين ، فكيف من كان عنه من المبعدين ؟ . كما أشار إلى ذلك قول رسوله الكريم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن " قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : " وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " [1]. وصلى الله على محمد الذي مكنه الله تعالى من إبليس حتى كاد أن يخنقه ، وهَمّ أن يربطه بسارية من سواري مسجد المدينة [2] ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وبعد ؛ فقد كتب إلى بتاريخ 14 / 7 / 1952 م بعض الأستاذة من الإخوان الأعزة من الباكستان حيث أُوفد إليها لغاية علمية ـ يسألني عن رأيي في حديث الغرانيق الذي اختلف فيه قول حافظين كبيرين ، هما : ابن كثير الدمشقي ، وابن حجر المصري ، فقد أنكره الأول وقواه الآخر . وطلب مني أن لا أضن بالجواب عليه ، فلبثت بعض الأشهر أترقب فرصة أستطيع فيها إجابة طلبه . ثم لقيني أحد الأحبة عقب صلاة عيد الأضحى لهذه السنة ـ 1371 هـ ـ فسألني أيضاً عن حديث الغرانيق ، فأجبته بأنه لا يصح ، بل هو باطل موضوع ، فذكر لي أن أحد الشباب ممن في قلوبهم مرض احتج به على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ـ وحاشاه ـ يتكلم بما يرضي المشركين جذباً لهم إليه ، لأنه بزعمه الباطل لم يكن نبياً صادقاً ، وإنما كان يتظاهر بذلك تَرَؤُساً عليهم كما يهرف بذلك بعض الملاحدة قديماً وحديثاً ، فحملني ذلك على أن اغتنم فرصة العيد المذكور ، فشرعت ـ متوكلاً على الله الغفور ـ في جمع طرق تلك القصة من كتب التفسير والحديث ، وبينت عللها متناً وسنداً ، ثم ذكرت قول الحافظ ابن حجر في تقويتها ، وتعقبته بما يبين وَهْيَ ما ذهب إليه ، ثم عقّبت على ذلك بذكر بعض البحوث والنقول عن بعض الأئمة الفحول ذوي التحقيق في الفروع والأصول ، تؤيد ما ذهبنا إليه من نكارة القصة وبطلانها ، ووجوب رفضها ، وعدم قبولها ، تصديقاً لقوله تعالى : ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً ) [الفتح : 9] ، فجاءت رسالة فريدة في بابها ، قوية في موضوعها ، ترفع حيرة الأخ المؤمن ، وتطيح بشبهة الملحد الأرعن ، وقد سميتها :
" نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق " .
أسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه ، ويقبلها مني نصرة لنبيه ، ويدّخر لي ثوابها ليوم أحْوَجُ ما نكون فيه إلى شفاعته ، ( يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ) [الشعراء : 88 ـ 89] إنه هو السميع العليم ، والبر الرحيم .
محمد ناصر الدين الألباني
دمشق في : 2 ـ 1 ـ 1372 هـ
21 ـ 9 ـ 1952
( 1 ) : أخرجه أحمد ( رقم 3647،3778،3801،4393، ] طبعة المكتب الإسلامي، ومسلم ( 8 / 139 ) عن ابن مسعود .
( 2 ) : جاء ذلك في " صحيح البخاري " ( 3 / 62 ) بشرح ابن حجر ، ومسلم ( 2 / 72 ) ، غيرهما .
لتحميــــــــــل الكتاب
http://www.islamport.com/isp_eBooks/alb/e-Books/706.rarرابط آخر
http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/05/0473.rar